بينما يخرج العالم تدريجياً من أزمات الطاقة الناتجة عن الجائحة والصراعات الجيوسياسية، كشفت بيانات جديدة من الوكالة الدولية للطاقة (IEA) عن تباطؤ كبير في نمو الطلب العالمي على النفط. وتشير التوقعات لعام 2025 إلى أن معدل النمو سيكون الأدنى خلال السنوات الخمس الماضية، مما يُشكل جرس إنذار للمنتجين التقليديين للنفط واللاعبين الرئيسيين في الأسواق العالمية للطاقة.
انخفاض نمو الطلب إلى 730 ألف برميل فقط يومياً
وفقاً لأحدث تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة، من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025 بمقدار 730 ألف برميل يومياً فقط، وهو ما يُعد أضعف معدل نمو منذ عام 2020.
وتعود أسباب هذا التراجع إلى عدة عوامل رئيسية، منها:
- تباطؤ النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة
- ارتفاع الأسعار والتضخم على مستوى العالم
- التحول التدريجي نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة
- انخفاض النشاط الصناعي بسبب التوترات التجارية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين
تغيّر سلوك المستهلكين والسياسات الطاقية الجديدة
إلى جانب العوامل الاقتصادية، يلعب التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة دوراً كبيراً في هذا التراجع. فقد شرعت العديد من الحكومات في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا بإعادة هيكلة نظمها الطاقية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من خلال تقديم حوافز لتبني مصادر الطاقة المتجددة.
وقد ساهمت زيادة انتشار السيارات الكهربائية، وتوسيع وسائل النقل العام الصديقة للبيئة، وفرض ضرائب جديدة على مصادر الانبعاثات المرتفعة، في تسريع هذا التحول. وأصبح من الواضح أن النفط لم يعد محور التخطيط المستقبلي للطاقة.
التأثير على أسعار النفط العالمية ومستقبل السوق
من المتوقع أن تؤثر هذه التوقعات المنخفضة على أسعار النفط الخام العالمية. وقد حذر المحللون من أنه في حال استمرار هذا الاتجاه واستقرار الطلب عند مستويات منخفضة، فإن السوق قد يواجه فائضاً في العرض، مما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
وبالفعل، بدأت بعض الشركات النفطية الكبرى في إعادة النظر في خططها الاستثمارية في مشاريع الاستكشاف والإنتاج.
قد يكون عام 2025 نقطة تحول تاريخية في سوق النفط، حيث يتحول منحنى الطلب من النمو السريع إلى التباطؤ وربما الانخفاض. وعلى صانعي السياسات والجهات الفاعلة في هذا القطاع التكيف مع واقع جديد، تتحول فيه سوق الطاقة إلى مشهد أكثر تنوعاً، ولم يعد النفط فيه اللاعب الأوحد.
